نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من «الضرائب المصرية» إلى«صانع المحتوى»: موقعك ودخلك مرصودان - صوت العرب, اليوم الخميس 6 مارس 2025 03:42 مساءً
الشارقة: أحمد صالح
تفجر الجدل ودخلت الأطراف في اشتباك آراء بعدما دعت مصلحة الضرائب المصرية، صناع المحتوي المرئي والمسموع والمقروء على شبكة الإنترنت، إلى توفيق أوضاعهم، وسرعة التسجيل في قوائم الضرائب على الدخل، خلال 30 يوماً من تاريخ بدء مزاولة النشاط.
وقالت مصلحة الضرائب إن إيرادات أنشطة صناعة المحتوى سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة، تخضع لضريبة الدخل، إذا كانت مصر مركزاً لمزاولة المهنة أو النشاط، مشيرة إلى أن صناعة أو إنشاء المحتوى، وصناعة الفيديوهات أو المقاطع الصوتية والموسيقية أو الأغاني، أو البث المرئي أو الصوتي أو عن طريق المدونات الإلكترونية المكتوبة أو المرئية، بغرض التجارة الإلكترونية ونشر وبث المعلومات في سياقات محددة على المنصات الرقمية، أو تطبيقات الموبايل والكمبيوتر المختلفة، تخضع لضريبة الدخل.
وبدأت الحكومة بالذين تتخطى إيراداتهم المحققة من النشاط 500 ألف جنيه (حوالي 32 ألف دولار) سنويا، ما أثار جدلاً على منصات التواصل الاجتماعي.
وتبدو القرارات الأخيرة حلقة ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية منذ ثلاث سنوات، وهدفت منها إلى الاستفادة من العوائد المالية لصناع المحتوى عبر إخضاعهم للضرائب وفقاً لشرائح محددة، إذ أعقب ذلك إخضاع الإعلانات المعروضة على فيسبوك ويوتيوب لضريبة القيمة المضافة.
وكانت مصلحة الضرائب المصرية قد طالبت في بيان، «الأفراد الذين يقومون بنشاط صنع المحتوى (البلوغرز - اليوتيوبرز) بالتوجه لمأمورية الضرائب الواقع في نطاقها المقر الرئيسي للنشاط لفتح ملف ضريبي».
وأوضحت أن «التسجيل بمأمورية القيمة المضافة المختصة (يتم) متى بلغت إيراداتهم 500 ألف جنيه خلال 12 شهراً من تاريخ مزاولة النشاط».
ولا يخضع صناع المحتوى على الإنترنت في مصر، مثل المدونين والمستخدمين المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، لإطار رسمي ينظم أنشطتهم.
ويستخدم الإنترنت في مصر، البلد العربي الأكثر سكانا بعدد يفوق 100 مليون نسمة، نحو 60 مليون شخص، بحسب أحدث أرقام لوزارة الاتصالات المصرية.
وفي مداخلة هاتفية على التلفزيون الرسمي، قال محمد الجيار، مدير خدمة الممولين بمصلحة الضرائب، إن «أي شخص يحقق إيراداً داخل مصر، عليه أن يسدد الضريبة المستحقة عليه مهما كان النشاط الخاص به».
وضرب أمثلة بـ«التجارة الإلكترونية والبلوغرز واليوتيوبرز»، وهم الذين يقدمون محتوى على عدة مواقع تواصل.
وتهدف مصلحة الضرائب المصرية بإلزام «البلوغرز» و«اليوتيوبرز» بإثبات التكاليف التي تتعلق بالتعاون مع مزاولي العمل الحر من الذين يشاركونهم في إعداد فيديوهات، ولكن القرار فجر جدلاً واستياء بين صناع المحتوى، في ظل صعوبة تطبيق القرار الذي يرتبط بآلاف العاملين في تصميم الفيديوهات ومراجعتها وتجهيزها للبث دون أن يكون لدى هؤلاء وعاء لإثبات حجم التعاملات معهم، وسط توقعات أن ينعكس ذلك سلباً على مضمون المحتوى الرقمي الذي يبث من مصر.
غير قابلة للتطبيق
أبدى العديد من صناع المحتوى تأكيدهم أن هذه الخطوة غير قابلة للتطبيق، لأن أغلبهم يعملون بشكل تغيب عنه الصفة الاحترافية، ومزاولي العمل الحر ليس لهم مكاتب أو تعاملات ضريبية يمكن أن تسهم في حساب تكاليف إنتاج الفيديو، ومنهم من يعمل في مهن أخرى، ومشاركتهم في صناعة المحتوى الرقمي عمل إضافي.
وهناك فئات شبابية تبدأ بث فيديوهاتها على موقع «يوتيوب» مثلا بإمكانيات بسيطة وبالتعاون مع هواة لديهم القدرة على القيام بتجهيز المحتوى في شكله الأخير قبل النشر ولا يقدرون على إثبات مصروفاتهم.
وقالوا إن قرار الضرائب يجعل هناك حاجة إلى قيام أصحاب القنوات على يوتيوب بفتح مكاتب مرخصة وتعيين موظفين لديهم وإثبات ما يحصلون عليه من رواتب ضمن تكاليف الإنتاج إلى جانب ضرورة التأمين عليه بما يساعد في استخراج الفاتورة الضريبية، وهو أمر يحدث بنسبة ضئيلة لها قدرة على تحقيق أرباح طائلة من الفيديوهات.
وأغلب «اليوتيوبرز» أو«البلوغرز» ليس لديهم تدريبات كافية تساعدهم على التعامل مع مصلحة الضرائب، ما يجعل مثل هذه القرارات تضع رؤى فوقية، في حين أنه سيكون من الإيجابي تشجيع منتجي الفيديوهات على تقديم محتواهم لتحقيق استفادة اقتصادية وإعلامية.
كما تغيب التعاملات بالفواتير مع الجهات التي تسهم في صناعة المحتوى أو يتجه إليها «اليوتيوبرز» لشراء معدات التصوير، ويرتضي صانع المحتوى عدم الحصول على فاتورة بما لا يقود ذلك إلى تحمله قيمة 14 % وهي ضريبة القيمة المضافة، كذلك الوضع بالنسبة للعاملين في مجال المونتير والمونتاج الذين يعملون بالقطعة لدى العديد من صناع المحتوى ويحصلون على نظير عملهم مقابل إنتاج الحلقة الواحدة.
ضبط سوق المحتويات
يقول د. شريف دلاور، الخبير الاقتصادي المصري إن الهدف من القرار ضبط سوق صناعة المحتوى بكل أنواعه، ضمن استراتيجية أوسع لتنظيم التعاملات المادية في السوق وإثبات تلك التعاملات والحد من ظاهرة التهرب الضريبي، مشيراً إلى أن أي دخل في العالم خاضع للضرائب والأمر ليس بدعة أو جباية وإنما تحقيق عدالة اجتماعية.
وقال دلاور: كل من يبذل مجهوداً صناعياً أو تجارياً مثلاً يخضع للضريبة، فكيف لأنشطة سهلة تحقق الملايين الإفلات من دفع الضرائب؟.
وأضاف أن الأرباح السريعة في العديد من الأنشطة الاقتصادية خاضعة للضرائب منعاً للمضاربات، كما هو الحال في البورصة، ولكن تحول الأمر إلى استثمار طويل الأجل لا تكون هناك ضريبة.
وأكد دلاور أنه لابد من ضبط رأس المال السحابي والأرباح الضبابية السريعة، حتي لا تخل في التوازنات الاجتماعية في المجتمع. فكيف لشخص يكسب في جولة في برنامج لمدة 5 دقائق أن يربح مليون دولار( 50 مليون جنيه مصري) وربحه الشهري بالتأكيد أضعاف هذا المبلغ؟!.
فرض ومراقبة
ترى د. عالية المهدي العميد الأسبق لكلية السياسة والاقتصاد المصرية أن رواج العملات المشفرة ساهم في زيادة صناعة المحتوى لترجمة الدخل عبر هذا النشاط إلى رواتب ومكافآت، ولابد من فرض ضريبة على أي نشاط والدولة المصرية تستفيد من تحويل الأرباح إلى البنوك المصرية كذلك.
وتحذر د. عالية من عدم مراقبة المحتوى الأخلاقي والسلوكي داخل هذا النشاط حتى لا تُدهس العلاقات الاجتماعية تحت عجلات الربح الكبير السريع، الذي تتجه إليه فئات عدة حالياً في ظل حالات الركود والبطالة والفقر التي تحاول الحكومة المصرية حلها بقدر المستطاع.
وأشارت إلى أن القانون المصري يعاقب كل من يتورط في قضية التهرب الضريبي بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات، ويدرج القانون كل من يمارس عملاً تجارياً من دون ترخيص أو حيازة فاتورة ضريبية ضمن الاقتصاد غير الرسمي الذي تقوم الحكومة بضبطه.
وتوقعت أن يتأثر سوق الإنتاج الرقمي للمحتويات الإعلامية بهزات متتالية الأشهر المقبلة.
0 تعليق